كيف نستقبل رمضان
( أ ) حقيقة الصوم :
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " فالصوم هو صوم الجوارح عن الآثام وصوم البطن عن الشراب والطعام ، فكما أن الطعام والشراب يقطعه ويفسده ، فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتفسد ثمرته ، فتصيره بمنزلة من لم يصم ".
( ب ) فضل شهر رمضان.. والصيام مطلقاً :
1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم . والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه )) رواه البخاري [ 6/474] وفي رواية: ( يتـرك طعـامه وشرابه وشهوته من أجلي ، والصيام لي وأنا أجزي به ، والحسنة بعشر أمثالها ) رواه البخاري [ 6/457] .
2) عن سهل بن سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن في الجنة باباً يقال له : الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد ) رواه البخاري [ 6/461 ] ومسلم [ 6/20].
3) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ) رواه البخاري [ 9/433] ومسلم [ 6/22] .
4) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري [ 1/67] .
5) وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبوب النار ، وصفّدت الشياطين ) رواه مسلم [ 5/337] .
6) قال صلى الله عليه وسلم : ( رمضان تفتح فيه أبوب السماء -وفي رواية : الجنة - وتغلق فيه أبوب النيران ، ويصفد فيه كل شيطان مريد ، ويناد منادٍ -وفي رواية : ملك- كل ليلة : يا طالب الخير هلم ، ويا طالب الشر أمسك ) صحيح. السلسلة الصحيحة [ 4/485] .
7) وقال صلى الله عليه وسلم : ( الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ) حسن. السلسلة الصحيحة [ 4/554] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السماء والأرض ) حسن. السلسلة الصحيحة [ 2/106] .
( ج ) الدعاء عند رؤية الهلال :
كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال : ( الله أكبر ، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، والتوفيق لما تحب وترضى ، ربنا وربك الله ) صحيح بشواهده. الكلم الطيب [ 1/138] .
( د ) حكم إطلاق رمضان على شهر الصوم من غير قرينة تدل عليه :
- كره القاضي من الحنابلة وغيره ذلك؛ لأن الله تعالى قال : (( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ))[البقرة:185] واستدل أيضاً بأحاديث ضعيفة . وكذلك يروى عن مجاهد أنه كرهه ويقول : لعله اسم من أسماء الله .
- ولكن الصحيح : هو جواز إطلاق رمضان عليه لما يلي :
1. أنه ورد في الأحاديث إطلاقه عليه : كما قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ) وغيره من الأحاديث . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهذا كثير في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما عن الصحابة فأكثر من أن يحصى .
2. ولأنه لم يذكر أحد في أسماء الله رمضان ولا يجوز أن يسمى إجماعاً .
3. وأما قوله سبحانه ( شهر رمضان ) فكقولهم : شهر ربيع الأول ، وشهر ربيع الآخر، وهو من باب إضافة الاسم العام إلى الخاص ، كما يقال: يوم الأحد ويوم الخميس .
( هـ ) اشتقاق رمضان :
أ- قيل: سمي رمضان؛ لأنه يرمض الذنوب، أي: يحرقها ويهلكها . وروي بذلك حديثان ضعيفان أو موضوعان .
ب- ذكر أهل اللغة أن أسماء الشهر كما نقلوها عن اللغة القديمة ، سموها بالأزمنة التي وقعت فيها ، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر ؛ فسمي بذلك ، كما سموا شوالاً؛ لأن الإبل تشول بأذنابها ، وسموا شعبان لانشعاب القبائل فيه.. وغير ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فاجتمع في رمضان أن وقت التسمية كان زمن حر ، ثم إن الله فرض صومه ، والصوم فيه العطش والحرارة ، ثم إنه يوجب التقوى فتحرق الذنوب وتهلكها ، وقد يلهم الله خلقه أن يسموا الشيء باسم لمعنى يعلمه هو ويبينه فيما بعد ، وإن لم يعلموا ذلك حين الوضع والتسمية ، كما سموا النبي صلى الله عليه وسلم محمداً . . . وأيضاً فإن هذه التسمية لغوية شرعية ، فجاز أن يكون له باعتبار كل واحد من التسميتين معنىً غير الآخر ".
ج _ قيل : هو اسم موضوع لغير معنى كسائر الشهور .
( و ) حكم النوم طوال النهار : له حالتان :
1. رجل ينام طوال النهار ولا يستيقظ : فهذا جانٍ على نفسه وعاصٍ لله عز وجل بتركه الصلاة في أوقاتها . وإذا كان من أهل الجماعة أضاف إلى ذلك ترك الجماعة أيضاً ، وهو حرام ومنقص لصومه وعليه أن يتوب إلى الله عز وجل , وأن يقوم ويؤدي الصلاة في أوقاتها حسب ما أمر به .
2. حال من يقوم ويصلي الصلاة المفروضة في وقتها مع الجماعة فهذا ليس بآثم ولكنه فوت على نفسه خيراً كثيراً ، لأنه ينبغي للصائم أن يشتغل بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن حتى يجتمع في صيامه عبادات شتى .